السبت، 5 أكتوبر 2013

الياسمين



اسطورة قديمة 

أفترقا فتركت له الكوكب لتهيم بحزنها بين الكواكب  ، كان يتبعها من كوكب لآخر حتى وصلت الأرض ، فبكت ، ومكان كل دمعة نبتت زهرة بيضاء ، حتى أمتلئت الأرض بالزهور وغادرت المكان ؛ وصل بعدها حبيبها فرأى المكان مُزهرعلم أن حبيبته كانت هنا ؛ عانق زهورها وكلما قبض على زهرة انحنت له  فلونها   ، ويقبض على أخري تنحني له فيلونها حتي صار الزهر كله ملون  وأبت إحداها أن تنحني فظلت بيضاء للابد أنها زهرة الياسمين



لا تنحني ، فصمودك ووقوفك وعدم انحناءك سيحتفظ بالصورة الحقيقة فيك 

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

الثعالب والحمير

من قصص بيدبا في كتاب كليلة ودمنة 

 زَعمُوا أنهُ كانَ أسدُ في أجمةٍ وكان معهُ ابنُ آوَى يأُكل منْ فضَلاتِ  طَعامهِ ، فأصابَ الاسدَ جَرَبٌ وضَعُفَ ضُعفاً شديداً وجُهِدَ فلمْ يَسْتطعِ الصَّيْدَ ، فقالَ لهُ ابْنُ آوى : ما بالُكَ ياسيُّدَ السَّباعِ  . قدْ تَغيَّرَتْ أحوالُكَ؟ قال : هذا اَلجرَبُ الذي قد أجهَدني وليْسَ لهُ دَواءُ إلاَّ قلْبُ حِمارٍ وأذُناهُ . قال ابْن آوى :ما أيْسَرَ هذا ، وقدْ عَرَفْتُ بمكانِ كذاَ حماراً وأنا آتِيك بهِ ، ثمَّ دَلَف إلى الحِمارِ فأتاهُ وسلَّمَ عليْه وقال : مالِي أراكَ مَهْزُولاً ؟ قالَ : مايُطعمُني صاحِبي شيئاً. فقالَ لهُ : كيْفَ تَرْضَى المقامَ معهُ على هذا الحالَ ؟ قال : مالِي حيلةٌ للهرَبِ منه فلسْتُ أتوجهُ إلى جهةٍ إلاَّ أضرَّ بي إنْسانٌ فكدًّني وأجاعني .

قال ابنُ آوَى : فأنا أدُلكَ على مَكانٍ مَعْزُولٍ عنِ النَّاسِ لا يَمُرُّ بهِ إنْسانُ ، خَصِيبِ المَرْعى لم تَرْ عيْنَ مثله خصبا.

قال الحِمارُ : وما يحبسُنا عنه ؟ فانْطلقْ بِنا  إليه. فانْطََلَقَ بهِ نحوَ الأسدِ وتقدَّمَ ابْن آوى ودَخَلَ الْغابةَ على الأسدِ وأخبرَهُ بمكان الحِمار ، فخرَجَ إليهِ وأرادَ أنْ يَثِبَ عليْهِ فلم يَسْتطعْ لِضعْفِه ، و تَخلَّصَ الحِمارُ منهُ فأفلَتَ هَلعاً على وجْهِه. فلمَّا رأى ابْنُ آوى أنَّ الأسدَ لمْ يقْدِرْ على الحِمارِ ، فال : يا سيَّدَ السِّباعِ  أَعجزْتَ إلى هذهِ الغايةِ ؟ فقالَ لهُ : إنْ جِئتَني بهِ مرَّةً أْخرَى فلَنْ يَنْجُوَ منِّي ابداً فمضَى ابْن آوى إلى الحِمارِ فقالَ لهُ : ما الذِي جَرى عليْكَ ، إنَّ الأسد لم يعرفْك ، وقد ظنَّكَ ضبعاً ، اعتادت أن تعتدي على أشباله ، وأن الأسد قد أعلمني أنه لو كان عرفك ، لرَحَّبَ بكَ ، وسمحَ لك أن تشاركه السكن في الغابة ، ترعى وتمرحُ و تذهبُ فيها أنى شئت !  فلمَّا سَمِعَ الحمارُ ذلكَ إطمأن ونَهَقَ وأخَذَ طريقهُ إلى الأسدِ ، فَسَبَقَه ابن آوى  وأعلَمَهُ بمكانهُ وقال له ُ : اسْتعِدَّ لهُ فقدُ خَدَعتُهُ لكَ فلا يُدْركَنَّكَ الضَّعْفُ في هذهِ النَّوْبةِ فإنهُ إنْ أفلَـَتَ  لنْ يَعُودَ مَعي أبداً فجاشَ جأشُ الأسدِ لتَحْريضِ ابنِ آوى لهُ ، وخرَجَ إلى موضِعِ الحِمارِ فلمَّا بَصُرَ به عاجلَهُ بوَثبةٍ افترسهُ بها . ثم قال َ : قد ذَكَرَتِ الأطبَّاءُ أنه لا يؤكلُ إلاَّ بَعْدَ الغُسْل والطُّهُورِ فاحتَفِظْ بهِ حتى أعودَ فآكلَ قلبه وأذُنْيهِ وأتركُ ما سِوَى ذلكَ  قوتاً لكَ . فلمَّا ذَهبَ الأسدُ لِيَغتَسِلَ عَمَدَ ابْنُ آوَى إلى الحِمارِ فأكل قلْبَهُ وأذُنيهِ رَجاء أن يَتَطيَّر الأسدُ منهُ يأكل منهُ فلا يأكل منه شيئاً ً. ثمِّ إنَّ الأسدَ رَجعَ إلى مكانه فقال لاِبن آوَى : أيْنَ قلْبُ الحِمارِ وأذُناهُ ؟ قال ابْن آوى : أوَلمْ تَعْلَمْ أنهُ لوْ كانَ لهُ قلبُ و اذُنانِِ لمْ يَرجعْ اليْكَ بعْدَ ما أفلًتَ و نجَا من الهَلَكِة .


ما أخبث الثعالب ولو كانت وديعة وما اجبن الاسود حين تمرض وتشيخ ، اما الحمير فمنتهي العدل افتراسها لانها لم تستطيع ان تكون شيء آخر 

الخميس، 13 يونيو 2013

مع أمي

تتميز هذه الزيارة التي تبدأ بعد ساعات قليلة عن المرات السابقة ، انها - ولاول مرة - بصحبة امي الحبيبة ، اتمني ان اكون لها خير صحبة وخير رفيق وخير معين علي أداء مناسك العمرة

السبت، 1 يونيو 2013

التأثير 2





قال قيس بن الملوح :
أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَـارِ لِيلَـى     أُقَبِّلُ ذَا الجِدَارَ وَذَا الجِـدَارَا
وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي      وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا
وقال يزيد بن معاوية :
وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ     ورداً ، وعضتْ على العِنابِ بِالبردِ

أحببت ان ابدأ بأبيات الشعر الإنف ذكرها ، لبيان بلاغة  اللغة العربية ، وثراءها من المرادفات ، والتي لم تحظي لغة اخري بهذا الكم الهائل منها ، مما جعل لغتنا ثرية ، فريدة ، نظيفة ، بليغة ،فقد  كانت الأمة العربية عريقة في البداوة تعيش في الهواء النقي الطلق كانت حلوقها قوية تقدر على إخراج  الاصوات من أعماق الحلق ويدل ذلك على أن من يستخدمها شديد التأثر حاد الطبع لا يطيق الهمس والغمغمة بل يميل إلى الصراحة والوضوح ولا يتكلم إلا عن تأثر وأنه يعني ما يقول
اننا نستطيع بدون جهد التعبير عن اي شىء كان ، مفرحا كان ام حزينا ، مدحا او هجاءا ، أطراءا ام نقدا لازعا ، فالمرادفات الغزيرة ستساعدنا  ، والصور والمجازات تمنحنا القدرة على التعبير والتأثير ، فنمرح ونوصف ، ونمدح، ونسعد  ، وكذلك نستيطع ان نقسو ونذم ونهجو ونتراشق ، لكن دون خدش للحياء ، او انتقاصا من قيمة اللغة 
 تماما كما قال تقي الدين المقريزي : 
قوم اذا صفعت بالنعال وجوههم .. شكت النعال بأى ذنب تصفع
وكذلك قول جرير : 
قالت أراها من القوم الّذين هُمُ       قد قال بيتين فيهم شاعرُ الدار
قومٌ إذا استنبح الأضياف كلبهمُ  ....... إلي نهاية الابيات
فاللغة تساعد على ارتقاء الاخلاق ، ونشر الفضائل ، ونبذ الرزائل ، لكن للاسف ، النتيجة عكسية تماما ، فأتجه الكثيرون إلى الطريق الاصعب في التفاهم ، والتباحث ، والحوار ، نقل الخبرات ، فكان السباب واللعان واللمز والتنابز هى العملة الرائجة في هذا الزمن ، تاركين سقف اللغة الرحيب ، وغزارة معانيها ، ساجنين انفسهم في تراكيب الحرف الضيقة بايصال المعني المراد من اقصر الطرق ، واقبحها ، دون النظر إلى ان الكلمة في فم كاتبها أمانة ، والقلم في يد صاحب الكلمة ميزانا ، كلما استقام استقام جيل وكلما انحرف انحرف بتأثيره الكثير

الأحد، 26 مايو 2013

التأثير 1





أن تكتب ويكون لديك القدرة على التعبير ( بأي صورة ) فهذا شىء جيد ، وأن تكون مقتنعا بما تكتب ، فهذا شىء مطلوب ، وان تنتشر رسالتك وتعبر آفاق لم تتخيلها فهذا شىء ممتاز ، ولكن هذا ليس كل شىء .

فالاعجاز أنك تكتب وتعبر وتقتنع وتعبر الآفاق بموضوعية ، فالموضوعية أحد أهم عناصر التفكير العلمي المنهجي ، والذي نحكم به على الرسالة المكتوبة كونها منطقية ام لا.

فمن يستطيع ان ينحي نفسه واتجاهاته وايدلوجياته عن الرسالة المكتوبة دون تمييز أو تعصب فمن المؤكد ستكون رسالته مقنعة ، وعبرته نافعة ، ودعوته مقبولة ،ومفرداته مصدقة .

إن التاريخ يسجل ثم يصنف ما يتم كتابته ، فالصدق الموضوعي يبقي ويستمر ، والانحياز والذاتية تتلاشي وتندثر ، هكذا استمر كتابات ماركو باولو عن الصين ، وقناعات هيرودوت عن  مصر ، ورحلات ابن بطوطة عن الشرق ، لانهم عبروا بموضوعية عن ما عاصروه ، واندثر الكتابات المفصلة والكتابات الخادعة والكتابات الواصفة لشيء لا يستحق بالزور والبهتان .

فالتعبير الصداق لا يتماشي من التجمل ولا يهادن الانحياز ولا يتأقلم مع تسميم الافكار بالغش والخديعة وبناء حقائق وهمية ، فكل هذه الاتجاهات تزول وتتشقق مع اول قراءة سريعة ، او كما قال الجاحظ " يذهب الحكيم وتبقي كتبه ، ويذهب العقل ويبقي أثره " وهنا تكمن الفائدة والفائدة هي المقياس الحقيقي للرسائل المكتوبة ، والفائدة لا تعرف ايدلوجية أو اتجاها فكريا أو تحيزا أوتعصب ، لانها موجهة للجميع بلا استثناء يفقدها فقط من لا يبحث عنها .

أقتنع ... أكتب .... عبر ... قل ما تشاء ، لكن اذا أردت نفعا وتأثيرا فدع نفسك وذاتك جانبا واكتب بموضوعية دون ان تتعثر في تقول او تسمع وتذكر قول ابن المقفع " كل مصحوب ذو هفوات والكتاب مأمون العثرات "

الخميس، 23 مايو 2013

لا تقل مستحيل

الصورة أبلغ من الف كلمة ، الصور لمدينة نجازاكي  بعد الحرب العالمية الثانية وبعدها بخمسين عاما ، لا تحتاج منا إلى تعليق ، ولكنها توضح نتائج العمل ، العمل فقط ، ومن  يستطيع فإنه يعمل ومن لا يستطع فينتقد 
 
فلنعمل فرادى ، لان العمل الجمعي لم يخلق لنا ، نعمل بجد ولو بصورة فردية ربما كان حاصل جمعنا يساوي  ما نتمناه ، لان منطق الرياضيات عندنا غريب ، فكل العمليات الحسابية لدينا تساوي صفر










الأربعاء، 22 مايو 2013

جسر إلى الحياة





جاء عاملا إلى أحد النبلاء يطلب عملا ، فوافق النبيل على التحاق العامل للعمل بمزرعته على ان يكون اول اعماله بناء سور كبير يفصل بينه وبين اخيه الاصغر الذي يسكن الضفة الاخري من النهر، والذي عاني كثيرا منه ، واخبره انه على سفر ويريد ان يري السور مكتملا عند عودته ، وسافر النبيل وعاد ليجد ان العامل قام ببناء جسر على النهر بدلا من السور ، وعندما هم بتوبيخ العامل اذ بإخيه الاصغر يعبر الجسر ويرتمي في احضانه ويقول يا لك من اخ  ، تبني جسرا بيني وبينك بعد كل ما بدر مني وعانيته بسببي ، يا لك من اخ رائع ، وقتها تناول العامل ادواته لمغادرة المكان ، فتمسك الأخوان بالعامل وقالا مزارعنا في حاجة إليك ، فقال لهم وهو يغادر ، ولكن هناك الكثير من الجسور تنتظر البناء .... 

تماما تماما هذا ما نحتاجه للحياة ، جسر إليها ، جسر لها ، جسر بالآخرين ولهم ، بلا كراهية ، بلا غل ،  بلا صراع ، بلا حسد ، فالحياة الهادئة لا تحتاج لكل هذه المفردات 

إن لغة التسامح لغة صعبة ، لا يعرفها الكثيرون ، وربما ايضا لا يعترفون بها ، ولكنها اللغة الوحيدة  التي - إن تمت إجادتها – تستطيع بناء جسر يعبر بنا إلى حياة هادئة ، وانا لا ادعي اني اجيد هذه اللغة ، ولكن يكفيني أنها اللغة الوحيدة التي اتمني تعلمها ، لأحاول ان اعيش هذه الحياة الهادئية عبر جسر من الحب للجميع

الأحد، 19 مايو 2013

عنصرية





كل شىء حولنا يدل على التمييز والعنصرية ، كأن العنصرية ممتزجة بجيناتنا الوراثية ، فمازال الكثيرون يعتقدون أن هناك فروق وعناصر موروثة او مكتسبة بطبائعهم  أو قدراتهم أو ثقافتهم ، أو ثرائهم  تبرر أحقيتهم في معاملة مختلفة تماما عن معاملة  باقي الأفراد المنتمين للمجتمع  بشكل مختلف اجتماعيا وقانونيا

ينسي الكثيرون انهم لا شىء ، وان قيمتهم الحقيقية – إن كانوا ذو قيمة – تنبع من مدي افادتهم للاخرين لانهم بشكل أو بآخر يستفيدون ايضا منهم ، فشبكة العلاقات الاجتماعية قائمة على الأخذ والعطاء وتبادل المنافع ، أي كانت صورة هذه المنفعة  

نعم ، الجميع سواء ، لانهم يملكون نفس المقومات والافضلية فقط كما اخبرنا رب العزة للاكثر ايمانا والاكثر علما ، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) حتي هذه الافضلية لا يجب ان يتفاخر بها احد على الاخر ، بل هي افضلية يحاسب بها الخالق عباده ، ودعوة منه تعالي للتسابق إليها والوصول لها، وحق لله سبحانه وتعاله فقط
 
كل الموازين مقلوبة ليدنا من يملك يري انه الاحق بالتمييز في المعاملة او الظهور و الحقوق والاولويات ، ليس هذا كل شىء، بل يري انه معصوم من الخطأ ، غير مطالب بأصلاحه إن اعترف به ، ليس عليه واجبات ، لا يجب ان يعاقب ، انما هو – طينة تانية -  لا يجب ان يتعامل كا يتعامل الاخرون  ، ومن لا يملك ينتظر فرصة للتعامل مع الاقل ليغتنم جزء من عنصرية كاذبة

ربما يأتي يوم ويري الكثيرون  العدل والمساواة والنظرة الحقيقية  للذات البشرية بصورة واقعية ، ولكن هذا اليوم يتطلب ميلاد اجيال جديدة ، اجيال لم تعاصر ولم تشاهد ولم تجرب كل ما حدث ويحدث ، ولكن حتي اجيالنا الناشئة اشد قسوة منا في تقدير وممارسة العنصرية