الخميس، 29 ديسمبر 2016

عندما يأتي الشتاء


لا يستطيع إنسان عشق شيء يضاهي عشقي للشتاء ، عشق لا ادرك منتهاه .. فالروابط الشرطية كثيرة كثيرة ممتدة ضاربة بجذورها عبر ذاكرة لا تخون الزكريات ابدا. 

فالليل في الشتاء مختلف وكذلك النهار ، والقلب مختلف والعشق فيه يختلف ، والشوق والدفء والسكون والحنين والآنين ، كل التفاصيل تختلف ، فالجميل يزداد جمالا ، والهدوء حولنا يتحول إلي ضجيج داخلنا ، يحرك فينا كل شىء اقترب من الموت ، والامطار تعطي تصريحا بقدوم مواسم العبير والظل والزهر والثمر 

أعشق الشتاء فأشعر بقوة لا اعرف منتهاها تجعلني اتحمل البرودة بدون أردية عشقا لها ويمتد الدف داخلي عشقا له فيغنيني على عشرات الاغطية الثقيلة عشقا لي 

فالشتاء - علي وجه العموم - بالنسبة لي سعادة لا تنتهي 

السبت، 17 ديسمبر 2016

خداع النفس


كلنا نكذب ، رغم ان معظمنا يدرك ان الكذب خوف وكثير منا يستطيع السيطرة على الخوف ، ويعرف ان الكذب ضعف وكثير منا ليس لا يحتاجه ، ويعترف ان الكذب نقص ويظل يحلم بالمثالية ، وتظل المحاولات متتالية لاقناع النفس بأننا من هؤلاء الذين يكرهون الكذب ولا يكذبون ولكنا نفعل رغم كرهنا له ، وهؤلاء الذين يمارسونه على نطاق واسع ، يمارسونه بالاعتياد ، يمارسونه دون داع ، يمارسونه وهم لا يلحظون تلك الممارسة فكل هؤلاء ايضا يكرهون الكذب ، حتي هؤلاء الذين يحبون ان يكذبوا يكرهوا ان يمارس احد عليهم الكذب ، فكل هؤلاء نستطيع ان نعبر كذبهم ، لاننا  - قد نكون - منهم ، وانهم قد لا يشعرون  

وبكل واقعية لا نستطيع ان نلعن هؤلاء ، فالكل يعرف والكل يفعل ، والكل ينتقد من يفعل 

 ولكننا نتعجب من هؤلاء الذين يكذبون علي انفسهم ، وينصحون بما ليس فيهم ، ويهاجمون وينتقدون ما هم عليه دائما .

فالتي تطارد كل طريد في السر وفي العلن تشتكي من المطاردات تماما مثل الذي ينشر الرزائل رغم كونه فليسوفا في كل الفضائل 

 يشعرون او لا يشعرون ، لا فرق بين ذلك وتلك ، ففي كل الاحوال هم يكذبون على انفسهم ، يخدعونها ، يلعنونها صباح مساء 


او كما عبر أبو الاسود الدؤلي في قصيدته حسدوا الفتي اذا لم ينالوا سعيه ومنها 

وَإِذا جَريتَ مَع السَفيهِ كَما جَرىفَكِلاكُما في جَريهِ مَذمومُ
وَإِذا عتِبتَ عَلى السَفيه وَلُمتَهُفي مِثلِ ما تأَتي فَأَنتَ ظَلومُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُعارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتُ عَظيمُ
ابدأ بِنَفسِكَ وَانَها عَن غِيِّهافَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ