أن تكتب ويكون لديك القدرة على التعبير ( بأي
صورة ) فهذا شىء جيد ، وأن تكون مقتنعا بما تكتب ، فهذا شىء مطلوب ، وان تنتشر
رسالتك وتعبر آفاق لم تتخيلها فهذا شىء ممتاز ، ولكن هذا ليس كل شىء .
فالاعجاز أنك تكتب وتعبر وتقتنع وتعبر الآفاق
بموضوعية ، فالموضوعية أحد أهم عناصر التفكير العلمي المنهجي ، والذي نحكم به على
الرسالة المكتوبة كونها منطقية ام لا.
فمن يستطيع ان ينحي نفسه واتجاهاته
وايدلوجياته عن الرسالة المكتوبة دون تمييز أو تعصب فمن المؤكد ستكون رسالته مقنعة
، وعبرته نافعة ، ودعوته مقبولة ،ومفرداته مصدقة .
إن التاريخ يسجل ثم يصنف ما يتم كتابته ،
فالصدق الموضوعي يبقي ويستمر ، والانحياز والذاتية تتلاشي وتندثر ، هكذا استمر
كتابات ماركو باولو عن الصين ، وقناعات هيرودوت عن مصر ، ورحلات ابن بطوطة عن الشرق ، لانهم عبروا
بموضوعية عن ما عاصروه ، واندثر الكتابات المفصلة والكتابات الخادعة والكتابات
الواصفة لشيء لا يستحق بالزور والبهتان .
فالتعبير الصداق لا يتماشي من التجمل ولا
يهادن الانحياز ولا يتأقلم مع تسميم الافكار بالغش والخديعة وبناء حقائق وهمية ،
فكل هذه الاتجاهات تزول وتتشقق مع اول قراءة سريعة ، او كما قال الجاحظ "
يذهب الحكيم وتبقي كتبه ، ويذهب العقل ويبقي أثره " وهنا تكمن الفائدة
والفائدة هي المقياس الحقيقي للرسائل المكتوبة ، والفائدة لا تعرف ايدلوجية أو
اتجاها فكريا أو تحيزا أوتعصب ، لانها موجهة للجميع بلا استثناء يفقدها فقط من لا
يبحث عنها .
أقتنع ... أكتب .... عبر ... قل ما تشاء ،
لكن اذا أردت نفعا وتأثيرا فدع نفسك وذاتك جانبا واكتب بموضوعية دون ان تتعثر في
تقول او تسمع وتذكر قول ابن المقفع " كل مصحوب ذو هفوات والكتاب مأمون
العثرات "