الأحد، 21 مارس 2021

أغلي ما عندنا

 


 

أحيانا لا نعرف قدر أنفسنا تواضعا منا أو جهل ، ولا نقدر ما بداخلنا من قدرات ، وقد لا نكتشفها من الأصل ، وقد نتوقع فى البعض ما ليس فيهم ، وقد نغتر بشىء لا نملكه ، وقد يخذلنا البعض فيما نتوقعه منهم أو نخون ثقة الآخرين فينا


قد نخطئ أحيانا ، وأحياناً قد نصيب ، وننجح فيما فشل فيه الآخرون ونفشل فيما نجحوا فيه ، قد نعيش أغرابا عن أنفسنا ، وأغرابا عن المحطين بنا ، وقد نتحرك فرادى ، وربما يمنعنا ضباب الحواس من الرؤية الصحيحة وربما تساعدنا بصيرتنا أن نري فى الظلام ، ولكننا فى النهاية حاصل جمع ما مر علينا من خبرات ، ومواليد شرعية لأفكارنا وقرارتنا واختياراتنا وتجاربنا


فقد أحببنا وكرهنا وغضبنا وفرحنا أخترنا وأجبرنا جربنا وغامرنا ,صُفعنا وصَفعنا وأقبلنا وأدبرنا ، فتكونت اتجاهاتنا ، وأختبرت أرادتنا ، وصَقُلت تجاربنا وتعلمنا متى نقول نعم ، وكيف نقول لا ، وفي كل الاحوال نحن من يتحمل مسئولية ذلك .


أصبحنا خبراء فى استخدام حواسنا – ربما دون أن نلحظ ذلك – فى التفكير والتدبير والتعبير والتبرير والتغيير والفهم والإدراك والتخيل والتنفيذ والتعديل والتعليل


فالعقل اشار ، والعين أنتخبت، والحدس صدق ، والخيال رسم ، والمنطق برر، واللسان ابدي ، فى الحب والحياة والسياسة والصراع والفكاهة والتعاون والمكر والنجاح


فكل جزء فينا له دور ، كل ذرة فى كياننا لها وظيفة ، فعلناها أم لم نفعلها ، اعترفنا بوجودها أو تجاهلناها، إلا جزء واحد يرسم كل الأدوار فينا ، يصبغ صبغتنا بلونه ، يحمل بصمتنا الفريدة فى كل اتجاه نسلكه ، فى كل حرف نختاره ، فى كل حرف نكتبه ، فى كل حرف نقرأه،  فى كل معني نحمله ، فى كل درب نسلكه ، غير قابل للتزييف ، غير قابل للتكرار ، غير قابل للتعويض ، لا نستطيع اخفاءه ، أو تبديله ، او تزويره أو بيعه


يشعر بنا حين نحب ، فينبض ، وحين نعشق يزداد نبضا ، وحين نشتاق يشتعل نبضا ، وحين نفترق يموت نبضا ، كأنه ترمومتر داخلنا يقيس كل شىء فينا بمقياس الخفق ، فهو كاتم أسرارنا ، ملهم أمانينا ، راسم دوربنا ، كالطير غربيا ، كالحلم قريبا ، كالطوفان جارفا ، كالجرح نازفا ، إذا أحب ، إذا ابغض ، إذا انفطر

 

أن صفاتنا من جمال وقبح تبدو فيه ، فلا جميل فينا إلا ما يبدو منه ولا قبيح منا إلا ما استعمر فيه

انه القلب ، ذاك الخافق فينا منذ دهر لا نشعر به احيانا ، انه أغلى ما عندنا

هناك 4 تعليقات:

طيف يقول...

ألا ترى اننا كثيرا ما نزيف بصمته ؛ بأن نسير خلاف فطرته بأتباع العقل مثلاً؟ مجبرين ام مخيرين
وبعد ليش حصرت تشكيلنا ب(المواليد الشرعية لافكارنا واخياراتنا وقراراتنا..) ؟! يعني غير الشرعية لا دخل لها؟!

خالص تحياتي

حاول تفتكرنى يقول...

طيف

حتي هذا الاحتمال ظهر واضحا في النص حين قلت (وربما يمنعنا ضباب الحواس من الرؤية الصحيحة)
ومن قال بأننا بكل هذه المثالية في الحياة ومن يستطيع ان يتهمنا بالسطحية السرمدية
حتي لو زيفنا بصمته فهذا التزييف اكبر دليل علي ان بصنته صادقة حتي لو اظهرنا غير ذلك ، ونحن من زييفها (أن صفاتنا من جمال وقبح تبدو فيه ، فلا جميل فينا إلا ما يبدو منه ولا قبيح منا إلا ما استعمر فيه)

اما مصطلح المواليد الشرعية ربما كانت كناية عن الصبغة الواقعية للافكار والاختيارات والقرارات التي تشكلنا ، فان كانت غير شرعية يعني انها ليست افكارنا او اختيارتنا او قرارتنا فوقتها ربما تؤثر فينا ولكن لا تعبر عن قلوبنا

يسعدني بالحوار معك و(حسافة)انه قصير وبعيد
تحياتي

طيف يقول...

(حتي لو زيفنا بصمته فهذا التزييف اكبر دليل علي ان بصنته صادقة).. غابت عني..آسفة:|
شكراً على التوضيح المثمر الجميل..
عمق الفكر وثراء اللغة تغري بمحاورته.. يسرني الحوار معك

Shereen gamal يقول...

الكلام حلو اوي و أثر فيا