
احب ان اتذكر هذه القصة كثيرا ، قصة اكتشاف جميس كوك لجزر ساندويتش والقصة ليس فى الاكتشاف ، فقد كان للسكان الأصليين اسطورة تقول أن الأله سيأتيهم يوما على جزيرة عائمة اشجارها بيضاء ، وعندما جاء كوك على ظهر سفينة ضخمة لا يألفوها اعتقدوا أنها الجزيرة والاشرع هي الاشجار فكان كوك بالنسبة لهم بمثابة الأله الذين انتظروه من الوف السنين ، فخافوا منه واطاعوه وقدسوه وقدسوا الرجل الأبيض ، على اعتبار انهم – ليس مثلهم – ليس بشرا ، أنهم الهة وجبت طاعتهم والتسليم بكل شىء يروه ، ولم يصحح كوك لهم هذا المعتقد ، لأنه زاد من سيطرته عليهم ، وصدق أنه فعلا أله
هناك اشخاص نقابلهم في طريق حياتنا الممتد ، نلقي عليهم ثوب التقديس ، فنصدق فيهم ما ترفضه حواسنا ، او ما تصبغهم به الطبيعة البشرية فهم مثلنا ، يملكون كل الصفات البشرية سلبية كانت أم إيجابية ، ولكننا لأ نري إلا ما نحب ان نراه فيهم ، ونختلق عنهم اسطورة ذاتية ، ونصدقها ، ونفسر كل سلوكهم من منظار تلك الاسطور الزائفة ، فيتكون لهم علينا سلطان وتأثيرا بشكل أو آخر ، ربما صححوه لنا أم تركونا فى هذا التقديس الوهمي
اخطأ كوك كثيرا ، عندما عاقب أحد رجاله امام السكان الاصليين لجزر هاواي ، فضربه بالسوط حتى أدمي ظهره ، وعندما سأل الدم منه ، صدم اهل الجزيرة ، فقد رأوا الحقيقة ، أن الرجل الابيض مثلهم ، يخطئ ويصيب ويتم عقابه ويتألم ويدمى ايضا
عندما نكتشف رويدا رويدا ان هولاء الاشخاص ، ليسوا بكل هذا النقاء الذي خلناه ، ونجدهم يضحكون وقت البكاء كما نفعل أحيانا ، ويبكون بلا سبب مثلنا ، ويكذبون احيانا كما نكذب احيانا ، ويبررون ما لا يبرر ، ويفسرون ما لا يفسر ، تخبو الهالة العظيمة التي احطناها بهم ، ويصبحوا أمام عيوننا – مثلنا بشر لهم ما لنا وعليهم ما علينا
زالت تلك الهالة الزائفة من حول الأله المزيف جيمس كوك والتي وضعها حوله السكان الاصليين ، وعندما قتل كوك أحد أبناء رئيس القبيلة ، كان الفعل الطبيعي – لأنه مثلهم – أن يقتلوه ، ولو كانوا على نفس المعتقد كونه أله لقدموا إليه شخص ثاني لقتله
ما نفعله نحن ، يفعله الآخرون ، بنفس النسبة من الفعل ، بشكل أو بأخر ، ومن كان لا يكذب ابدا ، لا يكره ابدا ، لا يخطئ ابدا فليقول لنا انا هنا