واري ان من ابسط حقوق الإنسان ان يكون حرا فى اختياره وقراره ومصيره ، دون إجبار او عنصرية ، او حصارا اقتصاديا واجتماعيا وايديولوجيا ، او ابتزازا من أي نوع وان يحقق له المجتمع الأمان بكل انواعه ويتساوي فى الحقوق والواجبات مع كل الأفراد فى المجتمع دون أي تمييز
ومنذ أيام أيضا ، قادني حظي العاثر إلى منطقة وسط البلد لشراء بعض الأغراض لزوم التجهيز للسفر ، وامام نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت قرأت اعلانا كبيرا يقول ( مضربون حتى تتحقق مطالبا ، لا مساس بأقوات اولادنا )على ما أذكر ، بالطبع عبارة عنصرية ، لان الشعب المصري كله يريد أن ( يربي العيال ) كنت اتمني ان يكون الاضراب للصالح العام وليس الضغط من اجل تحقيق مطالب فئة دون لأخري لمجرد انها تملك وسيلة للضغط ، نموذج مبسط من العنصرية .
الوساطة عنصرية ، تمييز سيارات اعضاء مجلس الشعب واصحاب النفوذ عنصرية ، حجز الطاولات المميزة فى المطاعم الفاخرة عنصرية ، التماس احد المعارف للحصول على خمس ارغفة من فرن بلدي خارج الطابور عنصرية ، الوصولية والاستغلال والابتزاز والضغط عنصرية
فالحقوق لا تتجزأ ابدا ، الحقوق مكفولة للجميع دون ادني تمييز بسبب الجنس أو الدين أو اللون ، هكذا تعلمنا فى مدارس مجتمعنا ، وكتب علماؤنا ، وتشريعات ديننا الحنيف ، وكذلك مواد الدستور المصري
ومنذ سنوات قرأت كتاب ( تحرير المرأة ) لقاسم أمين ، اعجابا باسم الكتاب ، وليس مضمونة ، لأن المرأة فى فعلا كانت فى حاجة إلى المساعدة ، على الاقل ، بمعاملتها بما أمر الله ان تُعامل بها ، "لقد قرر الإسلام أن المرأة إنسان مبجل، وكيان محترم، مشكور سعيها، محفوظة كرامتها، موفورة عزتها، ردّ لها حقها المسلوب، ورفع عنها المظالم، لا تحبس كرهاً، ولا تعضل كرهاً، ولا تورث كرهاً، تنزل منزلتها اللائقة بها: أماً وأختاً، وزوجة وبنتاً، بل مطلوب المعاشرة بالمعروف، والصبر على السيء من أخلاقها ، فالدين والتمسك به هو الذى حرر المراة ، بعد أن كانت تورث من الاباء إلى الابناء ، وكانت تستعبد ، وكانت تؤخد اخدان ، وهو ما نصحنا به نبي الرحمة صلي الله عليه وسلم بالحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وأن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا"
وليس هناك حرية أكثر من ان تختار المرأة اختيارها ، وتقرر قراراها ، وتحدد مصيرها ، أي كان ، فهي حرة ، فكيف نصنف الحريات ، كيف نميز بينها ، فيكون ارتداء النقاب رزيلة تستحق عليه الويل والثبور وعظائم الأمور ، وارتداء - المايوه - فضيلة كبرى ، تنول جوائز الدولة بكل انواعها ، لأنها تمارس حريتها ، أي منطق هذا ، الذى يميز بين الحريات
ومنذ ايام ايضا – يال للصدفة – خرج علينا موظف حكومي بدرجة شيخ الازهر لا قيمة لوظيفته إلا اصباغ صبغة دينية على القرارات الحكومية العنصرية بقرارا يمنع المنتقبات من دخول المعاهد الازهرية ، وحاكاه عدد من رؤساء الجامعات والمدن الجامعية ، متماشيين مع بعض القرارات السابقة بعدم دخولهم اندية القوات المسلحة وبعض المؤسسات الاقتصادية ، وعدم الفوز بوظائف معينة فى مؤسسات معينة ناهيك عن النظرة العامة لهم بأنهم رجعيون متخلفين ، ارهابيون ، منتهكين ابسط الحقوق الشخصية للفرد ، متخذين اقذر نموذج للضغط والابتزار ممكن ان يستخدم مثل المنع من التعليم ، وعدم الاستضافة فى المدن الجامعية ، بنمطق ان من تريد النقاب تقعد في بيتها ، ما هذه العنصرية ، ما هذا المنطق الرجعي المتخلف ، يريدون للمرأة النقوص إلى الخلف مئات السنوات ، وانا هنا ليس بصدد مناقشة امر تشريعي أو فقهي ، او تفسير شىء واضح لكل ذي عينين ، ولكن اناقش امرا حقوقيا ، أليس لهم نفس الحقوق التي يستفيد منها الغير طالما ان النقاب اختيارهم ، فى التعليم ، والامان والأمن ، والخروج والدخول والمرح ، وإقامة الشعائر الدينية ودخول الجامعات والنوادي والمؤسسات العامة ، بالطبع لهم حق واضح وكامل
ولن يستطيع احد ان يتزرع بالخوف من ان يستخدم احد ما النقاب ليرتكب بعض الجرائم ، لانه منطق غير سوي كالذى يمنع استخدام السكاكين لأنها ادوات جرائم ، كما منع احد الخلفاء الفاطميين آكل الملوخية لأنها اصابته بالاسهال ، فالا حري أن يمنعوا استخدام السيارات التي تسبب وفاة أكتر من 32 الف نفس بشرية فى العام ، كما انه بمجهود بسيط يمكن ان يسن قانون يعاقب بالإعدام لكل رجل يرتدي النقاب ليتخفي خلفه
أليس المنع عنصرية ؟
كنت اتمني ان اري رد فعل طبيعي مقنع للقرارات العنصرية ضد فئة اختارت لنفسها سلوكا خاصا وشكلا خاصا ومضمونا خاصا دون اضرار للاخرين ، خاصة من المؤسسات الحقوقية بغض النظر عن ايديولوجياتها الليبرالية ، وان يكون هناك ابسط صور المساواة فى تناول القضية بمنتهي الموضوعية ، بين فساطيط الرأي المتعددة ، ولا نري كل الابواق الاعلامية تقدم لمن اسعدهم القرار مساحة لا متناهية من التهليل بالقرار الخاطي ، والتنكيل بالفئة المذكورة ، ومحاولة الدفاع بغباء عن قرارات مقصود يراد به باطل على اعتبار اننا شعب سطحي ، يقتنع [اقل كلمة تقال لمجرد أن من يتكلم من صفوة مزيفة ، للدرجة التي تجعل من واحد مثلي لا ناقة له ولا جمل فى الموضوع ينضم بكل حواسه للاغلبية الساحقة التي لم يؤخذ رأيها ، التي لم تنعم بواحد من مليون من الفرص الاعلامية للتعبير عن الرأي الساحق فى القضية
شيئان جعلاني اشعر ان السحر انقلب على الساحر ، أولها أن القرارات العنصرية ، والآراء الغير موضوعية ، جعلت للنقاب اضواءا جذبت إليه الكثير ممن لا يعرفونه بالبحث عن المعرفة به ، والثاني ما قامت به المدونة - ماجدة المعدواي- صاحبة المدونة فى الرابط التالي