كنت افعلها كثيرا أيام الشباب ، حين اخرج
لقضاء شئوني القريبة مرتديا الملابس الصيفية الخفيفة في عز الشتاء ، وربما كنت
أذهب إلي المدرسة والجامعة بنفس الملابس متحملا تعليقات البعض واستنكار البعض
وتعجب الجميع
ويخطي ما كان يظن إني لا اشعر بالبرد القارص ، ولكنه يجهل انه كنت
اختار ذلك كي اشعر به أكثر فهذا الشعور هو قمة استمتاعي بالشتاء ، هذا الاستمتاع
الذي استحضر فيه كل المواقف المبهجة التي مرت علي في نوستالجا عجيبة تنتشلني من
براثن الواقع إلي سماء الماضي الرحيبة وقدرتها المتجددة على الاتساع لكم الضغوط المتراكم
والذي لم يكن له وجود في الماضي
فالبرودة والسكون وكوب الشاي الساخن وصوت
فيروز الصادر من المذياع مفردات تحمل ملايين المعاني لمعظم جيلي ، تحمل في طياتها
ضحكات وعبرات ، أزمات وتطلعات ، قبلات وصفعات ، وأنهار لا تنضب من حنين تنفجر
داخلي من أول إحساس بالبرودة ، فأجدني – وان كنت لا استطيع مواجهة احد بالخروج
بالملابس الخفيفة – أشعل فتيل هذا الانفجار حين اقضي ليالي الشتاء الساحرة في
منزلي مرتديا الملابس الداخلية .