الجمعة، 19 أكتوبر 2007

كومــــــا



ثلاث مواقف أخذتني بعيدا ، عن الزمن والمدركات الحسية والمكان
الأول منذ عدة أشهر - تقريبا خمسة شهور - وكنت أشاهد فيلم "300 اسبرطي" وعندما كان يقاتل الاسبرطيون أحسست – فى لحظة وحيدة – أنهم حولى وكأني أشاهد أحداث ثلاثية الأبعاد ، وأنى أتحين الفرصة للانقضاض ، وأتوخى الحذر من تلقى الضربات ، وأني ميت لا محالة وربما أعيش ويفر الآخرون وأفقت من غفوتي دون أن اشعر أن هناك شىء غير طبيعي مر بى


الموقف الثاني منذ شهرين ونصف وكنت أشاهد مباراة مصر وكوديفوار التي أقيمت بفرنسا فى أغسطس الماضي والمطر ينهمر على اللاعبين - فى فرنسا - ، والطقس فى القاهرة نار والتكييف داخل الحجرة عالي ، وفى لحظة تغييب ، تبدلت الوقائع ، لحظة وحيدة حين أحسست ببرودة الغرفة ، وشاهدت المطار المنهمرة اجتاحني فى هذه اللحظة الشتاء القارص وأيقنت ان الشوارع حول المنزل أصبحت برك من المياه وبعد مرور هذه اللحظة استيقظت على أن درجة الحرارة فى المدينة قاربت ال 45 درجة وما كان شعوري الذي شعرت به إلى لحظة تغييب أو توهان أو غيبوبة أو قل ما تشاء


والموقف الثالث حدث أمس ، وكان أثره النفسي كبيرا ، أحببت الذهاب للسينما بعد فترة نقاهة كبيرة ، لأني لم احضر العيد وأنا مريضا ، وما كنت سأحضره لو كنت معافي ، فكل الامور تتساوي هنا ، فوجدت بالسينما خمسة أفلام ثلاثة أجنبي واثنين عربي ، والجميع شاهدتهم خلال عام مضى – أظاهر الأفلام تأتي إلى هنا متأخرة – فاخترت فيلم " أنا مش معاهم " -وفى لحظة وحيدة – اثناء عرض الفليم والكاميرا تتنقل بين شوارع القاهرة التي أحفظها عن ظهر قلب ، ومشاهد الباخرة بلو نايل على كورنيش الجزيرة والمكروباصات والزحام ومحطة مصرواللهجة المصرية، والتذكرة التي أحملها فى يدى مكتوب عليها سينما مترو ، أحسست بأني فى سينما مترو فى شارع طلعت حرب ، والحقيقة أن بينى وبينها الآف الكيلومترات وأنى سأخرج بعد قليل واحتسي فنجان قهوة فى الاكسلسيور بجانب السينما واذهب لأركب مترو الأنفاق من محطة الإسعاف ونظرت فى الوجوه حولي فوجدتها غريبة واستيقظت من سباتي اللحظي أو الغيبوبة الحسية التي توهت داخلها للحظة واحدة فقط حملتنى عبر الحواس وعبر الواقع والحقيقة إلى نقطة داخلي أجهلها ، ولا اعرف منتهاها ولا استطيع أن ألمسها أو أعبر عنها للآخرين


أنها " كوما " نغيب فيها عن من حولنا ، ونغيب فيها عن حتى أنفسنا ، ونفقد سيطرتنا على المشاعر والحواس والوقت والمكان والحقيقة وحتى الخيال ، ونتوه بين مسمى ما نحن فيه فى هذه اللحظة ولا نعرف له وصف

فما نحن فيه ليس حلم ، ولا هو الواقع ، ولا حقيقة نلمسها ولا خيال نتخيله ولا أمنية نتمناها ولا أهداف حققناها ، ولا تفكير ولا إدراك ولا فهم ولا توقع ولا حتى حدسا

اننا فى لحظات نغيب أو نتغيب ، أو نفقد السيطرة على أنفسنا وعلى حواسنا وعلى خيالنا ، وعلى كل شعور فينا هذه اللحظة الوحيد الفريدة يمكن أن نخسر فيها كل شىء ، ويمكن أن نكسب فيها كل شىء ويمكن أن تمر علينا بلا شىء

كوما وقتية كلمح البصر أو ربما اقل نكون فيها شىء آخر غير ما نكون عليه ، لحظة سكون أو سرحان أو تغييب أو سبات أو حلم

لا يهم ماهية هذه اللحظة ، ولا كيف ندرك وجودها أو ابعادها ، لكنها بالفعل موجودة أو ربما توجد يوما ما

لا نريد ان نكسب منها شىء

، بل نتمنى إلا نخسر بها شىء

هناك 13 تعليقًا:

واحده من الناس يقول...

في كثير من الأحيان نحاول الهرب من واقعنا
فنلجأ ولو للحظات الى الغياب أو الأحلام أو التيه في لا شيء أو في أي شيء يبعدنا عن الأجواء الحقيقيه المره التي نحياها

http://kasperb4.blogspot.com/ يقول...

انا اول مرة اسمع المصطلح ده فعلا
بس الحالة دي حصلت لي بردو مرات معدودة
شعور جميل مقدرش انكر
لكن ساعات في بعض المرات دي لما كنت بفوق من الحلم اللحظي ده قلبي بيوجعني لما بصطدم بالواقع تاني

--------
مش عارف ليه بحس ف كلامك شجن كده كأن في ألم كبير اوي في حياتك بس بتحاول تتغاضى عنه
صح كلامي ولا؟
اتمنى ان كلامي يطلع غلط ده مجرد احساس مش أكتر

حاول تفتكرنى يقول...

أوشة

الفرق كبير جدا بين ان نغيب أو نتغيب
بين ان نقصد الابتعاد أو أن نبتعد عنوة
والأصعب عندما لا نشعر بكل هذا
إلا بعد أن نكون وصلنا للنهاية

الحسنة الوحيدة هنا أننا نفيق ونتسأل ونتحاور ونطلع بجديد

تحياتي

حاول تفتكرنى يقول...

الاخ الغالي الآم وآمال

لا شك أن حياتنا خليط غريب من الشجن والمرح والسعادة والحزن والغبطة والعبوس والكآبة

احيانا نمسك القلم فيتم ترحمة دواخلنا - ولو رغما عنا- إلى ما لا نحب أن نكون عليه

ولكننا فى كل الاحوال لا نستطيع أن نخفي كل هذا عن أعين الآخرين
فمن السهل أن يكتشنا الآخرين من كلماتنا ، بل ويرسمون صورة صادقة لواقنا


تحياتي

حياة الأحلام يقول...

السلام عليكم

بوست جميل ومعرفش ليه وجعنى على فكره الكوما دى ساعات بتبقى أحلام يقظه بس المشكله أنك تفوق على الواقع
وساعات تانيه بتبقى هروب من الواقع

وساعات بتبقى مجرد سرحان على توهان على شويه مش عارفين مين احنا واحنا فين

بس من غير شك ساعات كتير بتبقى جميله حتى لو كانت لحظات فى عالم الخيال

تحياتى على أسلوبك

حاول تفتكرنى يقول...

حياة الأحلام

أى كان المسمي
أى كان الاحساس
أى كان المكان
فلا شك اننا نمر بلحظات غامضة فى حياتنا ، بغض النظر عن كونها سعيدة او كئيبة ، يجب أن نعترف بوجودها داخلنا ليس وراءنا أو أمامنا ، فما بداخلنا دائما يكون نقى ، صادق
ولو كان غامضا

تحياتي

كاميليا بهاء الدين يقول...

عندما نرغب فى شئ بشدة .. وتشتاق كل قطعة فينا إليه
ننفصل عن الواقع ونعيشه تماماً .. انفصال بالروح .. التى تذهب حيث نتمنى وتتصرف كما نتمنى .. ويبقى البدن مكانه كالجماد .. وعندما نفيق لاندرى هل كان حلماً؟ آم اننا كنا فى رحله وتواً عائدين.

بوست رائع والآروع ذلك العنوان -حاول تفتكرنى- الذى جذبنى بشدة للدخول هنا.

تحياتى لك ولقلمك ذو الحس العالى.

كاميليا

http://kasperb4.blogspot.com/ يقول...

ليك عندي تاج بتمنى يكون خفيف على قلبك
:D

ولك حق الرفض طبعا ولكن ياريت متكسفنيش
:)

حاول تفتكرنى يقول...

اهلا كامليا

اعتذر عن التأخير فى البداية
مجرد مرورك هنا شرف كبير
اتمني أن تكون المدون على مستوي الأسم

تحياتي

متغيرة شوية يقول...

أعتقد ان ده بيحصل مش بس علشان المؤثرات الخارجية ، لكن نتيجة رغبة داخلية في الهروب
اشتياق لحالة أو مكان ما

shaimaa samir يقول...

عندما قرات الاسم
قلت ياااااااااااااااه
اخيرااا وصلت
وكاننى كنت على سفر
والملم زادى ووزوادى من كلماتك السابقة

ولكنى عندما ركبت الكوما
نمت فيها
من ارهاقى منالزاد والزواد الذين كنت الملم فيهم

ارهقتنى...
واحييتنى فى شجن رهيب

تحياتى لك

دمت دوما ملاكا

حاول تفتكرنى يقول...

شيماء

اعتذر عن الرحلة الشاقة

ولكنى رحلت معك فيها

بحثا عن بحثك عن كوما

فشكرا لهذه الغيبوبة التي افقت عليها

تحياتي

غير معرف يقول...

滿.......................................................