ربما نختلف كيف نُسعد والحياة معادلة طرفها الثاني لا نمتلكه،
تُختصر فيه كل الشرور التي لا تترك داخلنا إلا الدموع
ربما نختلف كيف نُسعد وكل طريق نسلكه نجده غير ممهد رغم
بدايته الأسطورية ولا يبلغ منتهاه
ولكننا يجب ان نتفق على ان السعادة قرار داخلي نحن فقط
من يمتلك كلمات مرورها ولا يستطيع ان يحققها لنا شخص ما، مُلك ما، وقت ما، إي ما،
أنما تولد في اللحظة التي نستطيع فيها الوقوف بمفردنا نواجه ما نواجه بقلب نابضا
ولكن كيف؟
فسرها المنفلوطي في رواية مجدولين "أطلب
السعادة في الحقول والغابات ، والسهول ، والجبال ، والأغراس والأشجار والأوراق
والأثمار ، والبحيرات والأنهار ، وفي منظر الشمس طالعةً وغاربة ، والسحب مجتمعة
ومتفرقة ، والطير غادية ورائحة ، والنجوم ثابتةُ وسارية ، واطلبها في تعهد حديقتك
، وتخطيط جداولها ، وغرس أغراسها ، وتشذيب أشجارها ، وتنسيق أزهارها ، وفي وقوفك
على ضفاف الأنهار ، وصعودك إلى قمم الجبال ، وانحدارك إلى بطون الأودية والوهاد
وفي إصغائك في سكون الليل وهدوئه إلى خرير المياه ، وصفير الرياح ، وحفيف الأوراق ففي
كل منظر من هذه المناظر ، أو موقف من هذه المواقف ؛ جمال شريف طاهر يستوقف النظر ،
ويستلهي الفكر ويستغرق الشعور ، ويحيي ميت النفس والوجدان ، ويملأ فضاء الحياة
هناءً ورغداً"
ربما لم تسعدني هذه التركيبة بقدر ما أسعدني طوفان
المعاني الذي يتميز به المنفلوطي ، كلمات المنفلوطي ، مداد المنفلوطي، فأنه يجمع
عشرات من المعاني الفريدة في عبارة واحدة، يجعلنا نرسم تلك الصور البلاغية في
أذهاننا كلوحة زيتية فريدة لا يشعر بها سوانا، فيجلب الينا الربيع بصفائه وعبيره
وظله في حِلّة من زهور كل المواسم لنرتديه
ولا سبيل لتوقعها إلا عندما أري شيء ما، اسمع شيء ما،
أقرأ شيء ما، أشعر بشيء ما، يستفزني أمر ما، فينبض قلبي، فأكون
لن يسعدنا الصمت والسكون وكسر اناملنا، وتشويه جدران
حياتنا بالمداد
بل عندما نجري من المداد جداول نبض تتفجر عبر السجايا
إنها الكلمة التي تنبتها الحروف المبهجة، فتجعل ذاكرتنا
لا تغادر الربيع ابدا وتصبغ عقولنا وقلوبنا وكل ذرة في كياننا بلونه ورائحته
أنها الحيثيات التي تجعل من سعادتنا قرار، نحن من يحدد ونحن من يحققه فيولد داخلنا ونوهبه لكل من حولنا
نحن من حولك، هب لنا كلماتك تبهجنا وتسعدنا، وفرشاتك ترسم
ربيع دائم في الدروب، وموسيقاك لنحلق في السماء الزرقاء على جناح الياسمين
أكتب لنا
أكتب لنسعد.