في سنة 1990من القرن السابق ، كان ضمن المنهج فى الصف الأول من البكالوريوس مادة السياسة والتي لا اعرف علاقتها بمؤهلي إلى هذه اللحظة ، إلا مجرد العلم بالشيء وكان يدرسها لنا الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب الحالي منتدبا من كليته ، كان هم الدكتور الأول بناء جيل من الشباب يعرف حقوقه السياسية جيدا فربط درجات اعمال السنة باستخراج البطاقة الانتخابية ومناقشة جلسات مجلس الشعب فى المحاضرة ، آملا أن تكون بداية الوعي من هذا السن ، وهذا المكان ، فوجب علينا متابعة هذه الجلسات المملة ، واستخراج بطاقة الانتخاب ولو لم نستخدمها ، وأذكر اول مرة دخلت فيها مكتبة الهئية المصرية العامة للكتاب بسبب بحث طلبه الدكتور فى ثلاث كلمات هي ( البرجوازية ، الامبريالية ، البروليتاريا ) ، وكم عانيت كمبتدئ فى البحث فى الفهارس والقواميس السياسية ، ولكن هذا كان حال الدفعة بأكملها ، مما حول المكان الهادئ الراقي إلى ما يشبه السوق الشعبي
ربما كنت فى حاجة إلى هذه المقدمة الطويلة على غير العادة ، ولكن ما حدث كان له تأثيرا واضحا على اتجاهاتي حين أفكر ، فبعد هذا اليوم زرت المكان مئات المرات ، وقرأت مئات الكتب ، واستمتعت كثيرا بالهدوء ومنظر النهر بعد أن اكتسبت خبرة نادرة فى البحث ، وكان لمفردات بحثي الأول توابع هزتني كثيرا فى التنقل من كتب الثورة الماركسية ، إلى نظريات بارسونز الاجتماعية فى التنمية ، وتقلبت كثيرا بين مثالية ماركس فى وصفه لضحايا البرجوازيين من البروليتاريا الطبقة الكادحة التى هي نتيجة حتمية لوجود الرأسماليين ، وبين واقعية آدم سميث فى تقسيم العمل من أجل تقدم اقتصادي حتمي .
وأصبحت أقيس كل أحداث قد تمر بقياسات غاية فى التعقيد ، ما بين الأفكار المتباينة بغض النظر عن صدقها أو ثباتها أو تغيرها ، فمجتمعنا مجتمع ناقل فى كل الأحوال ، فينقل النموذج بما فيه أو ينقل أجزاء منه ويصنع كوكتيل من الممارسات ، دائمة التغيير حسب الهوى والمزاج ، حتى أصبح فكرنا عن كل شىء مسخ قبيح ، فديمقراطيتنا كوكتيلا لنماذج الحكم الستة لدي أرسطو ما بين الملكية والجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية ، والاستبدادية ، فأصبح نظامنا السياسي كمسخ فرانكشتين الذى خَلّقه ثم لم يستطع كبح جماحه حتى قتل على يده ، ونظامنا الاقتصادي قائم على كل النظريات الممكنة والمستحيلة سواء شرقية أو غربية أو دقهلية ، وأعلامنا صار أعلام فهمي نظمي رسمي لمعي ، وأصبح كل شىء معكوسا ، مقلوبا ، نضع الأحذية فى فتارين فاخرة والخبر على الأرصفة ، لأننا لا نستخدم أدواتنا الاستخدام الصحيح ، تماما كمسالة الأسلحة الفاسدة ، فنتيجة الاستخدام الخاطئ للأداة أكثر إيلاما من عدم استخدامها ، وأفسدنا على أنفسنا الكثير من المميزات التي يكتسبها الشعوب ( تلقائيا ) خلال مراحل تطوره ، فى السبيعينيات من القرن الماضى قامت مظاهرات خربت من أجل هدف جماعي – حين ارتفع سعر الخبر وبعض السلع - الهدف كان نبيلا ، ولكننا كنا نجهل كيفية الاعتراض والضغط ، ولكن فى القرن الواحد والعشرين التفتنا إلى وسائل أخري مشروعة وهي الاعتصام والأضراب ، تري هل نحسن استخدامها ؟
أرى أننا نستخدمها استخدام يقلل من تأثيرها على الواقع الاجتماعي ، وربما يأتي بنتائج عكسية على مستوي الأفراد ، اشعر أن فى تصرفاتنا بعض العنصرية ، وعلى جميع المستويات ، فعندما يطالب أحد أعضاء مجلس الشعب بلوحات سيارات خاصة لأعضاء المجلس ، فأنه يأصل العصرية بأبلغ صورها ، وعندما ينهض المحامون من أجل مصلحة المحامون فقط ، فذلك يثير حافظة فئات أخري ، حتى القضاة يعتصمون ، من أجل القضاة والصحفيون ، من أجل مزيد من المزايا للصحفيين ، والصيادلة من أجل قانون للضرائب ، حتى انقسمنا إلى شلل وعشيرات ، لا تمثل مجموعا .
تري من يدفع الثمن ، لأنه الغالبية العظمي من الشعب الذى لا يوجد فئة تحتويه غير أنه ينتمي لمصر
تري كم تمثل نسبة الصيادلة والقضاة ، والمحامين والصحفيين والمهندسين والأطباء والاجتماعية ن وكل النقابيين ، هل ستبلغ ربع هذا الشعب ؟ فسيدفع الثمن الباقين .
يجب أن نبحث عن استخدام امثل لوسائل الاعتراض ، يمثل ضغطا هائلا دون إفراط على الشعب المنهك ، أو تفريط فى الحقوق ، يجب أن نتحرك ككل ليس أجزاء ، فتمييز الجزء يعني بكل بساطة عنصرية ، ومن يملك وسائل الضغط لمصلحة فئة من الفئات دون الاخري ابلغ صور البرجوازية ، أمام امبريالية الحكومة التي تنام فى الشمس ولا تحرك ساكنا ، وتزداد الطبقة الكادحة مهانة لتصبح مثالا واقعيا للبروليتاريا العصرية .
كان من الممكن أن يرفض الصيادلة شحنات الأدوية من مصانعها ليضغطوا على الرأسماليين ، أو عدم دفع ضرائبهم ولن تستطيع الامبريالية الحكومية غلق الصيدليات ، ولكن كي يكون التأثير أكبر ، والضغط ذو قيمة اختاروا أن يكونوا فى صفوف البرجوازيين ، ويطحنوا رقاب البروليتاريا ، تماما مثل بائعين الاسمنت والحديد وجميع أنواع المخدرات والفياجرا ، ناسين أو متناسين أن الحكومة لا يعنيها الشعب بأكمله ، وتتمني لو يستمر الصيادلة فى إضرابهم حتى يوم القيامة ليموت الشعب أو أنه يصاب بالضعف الجنسي .
فكرت كثيرا وأنا أكتب هذا المقال ، فأني على موعد لزيارة وطنى اسبوعا الشهر المقبل ، وأخشي ذهابي إلى المطار بحلم أني بعد ساعات سأكون فى وطنى ، وأفيق من حلمي على قرار أضراب الطيارين وضباط المراقبة ، هل يتخيل أحد حجم الاحباط والنقم وقتها
ربما كنت فى حاجة إلى هذه المقدمة الطويلة على غير العادة ، ولكن ما حدث كان له تأثيرا واضحا على اتجاهاتي حين أفكر ، فبعد هذا اليوم زرت المكان مئات المرات ، وقرأت مئات الكتب ، واستمتعت كثيرا بالهدوء ومنظر النهر بعد أن اكتسبت خبرة نادرة فى البحث ، وكان لمفردات بحثي الأول توابع هزتني كثيرا فى التنقل من كتب الثورة الماركسية ، إلى نظريات بارسونز الاجتماعية فى التنمية ، وتقلبت كثيرا بين مثالية ماركس فى وصفه لضحايا البرجوازيين من البروليتاريا الطبقة الكادحة التى هي نتيجة حتمية لوجود الرأسماليين ، وبين واقعية آدم سميث فى تقسيم العمل من أجل تقدم اقتصادي حتمي .
وأصبحت أقيس كل أحداث قد تمر بقياسات غاية فى التعقيد ، ما بين الأفكار المتباينة بغض النظر عن صدقها أو ثباتها أو تغيرها ، فمجتمعنا مجتمع ناقل فى كل الأحوال ، فينقل النموذج بما فيه أو ينقل أجزاء منه ويصنع كوكتيل من الممارسات ، دائمة التغيير حسب الهوى والمزاج ، حتى أصبح فكرنا عن كل شىء مسخ قبيح ، فديمقراطيتنا كوكتيلا لنماذج الحكم الستة لدي أرسطو ما بين الملكية والجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية ، والاستبدادية ، فأصبح نظامنا السياسي كمسخ فرانكشتين الذى خَلّقه ثم لم يستطع كبح جماحه حتى قتل على يده ، ونظامنا الاقتصادي قائم على كل النظريات الممكنة والمستحيلة سواء شرقية أو غربية أو دقهلية ، وأعلامنا صار أعلام فهمي نظمي رسمي لمعي ، وأصبح كل شىء معكوسا ، مقلوبا ، نضع الأحذية فى فتارين فاخرة والخبر على الأرصفة ، لأننا لا نستخدم أدواتنا الاستخدام الصحيح ، تماما كمسالة الأسلحة الفاسدة ، فنتيجة الاستخدام الخاطئ للأداة أكثر إيلاما من عدم استخدامها ، وأفسدنا على أنفسنا الكثير من المميزات التي يكتسبها الشعوب ( تلقائيا ) خلال مراحل تطوره ، فى السبيعينيات من القرن الماضى قامت مظاهرات خربت من أجل هدف جماعي – حين ارتفع سعر الخبر وبعض السلع - الهدف كان نبيلا ، ولكننا كنا نجهل كيفية الاعتراض والضغط ، ولكن فى القرن الواحد والعشرين التفتنا إلى وسائل أخري مشروعة وهي الاعتصام والأضراب ، تري هل نحسن استخدامها ؟
أرى أننا نستخدمها استخدام يقلل من تأثيرها على الواقع الاجتماعي ، وربما يأتي بنتائج عكسية على مستوي الأفراد ، اشعر أن فى تصرفاتنا بعض العنصرية ، وعلى جميع المستويات ، فعندما يطالب أحد أعضاء مجلس الشعب بلوحات سيارات خاصة لأعضاء المجلس ، فأنه يأصل العصرية بأبلغ صورها ، وعندما ينهض المحامون من أجل مصلحة المحامون فقط ، فذلك يثير حافظة فئات أخري ، حتى القضاة يعتصمون ، من أجل القضاة والصحفيون ، من أجل مزيد من المزايا للصحفيين ، والصيادلة من أجل قانون للضرائب ، حتى انقسمنا إلى شلل وعشيرات ، لا تمثل مجموعا .
تري من يدفع الثمن ، لأنه الغالبية العظمي من الشعب الذى لا يوجد فئة تحتويه غير أنه ينتمي لمصر
تري كم تمثل نسبة الصيادلة والقضاة ، والمحامين والصحفيين والمهندسين والأطباء والاجتماعية ن وكل النقابيين ، هل ستبلغ ربع هذا الشعب ؟ فسيدفع الثمن الباقين .
يجب أن نبحث عن استخدام امثل لوسائل الاعتراض ، يمثل ضغطا هائلا دون إفراط على الشعب المنهك ، أو تفريط فى الحقوق ، يجب أن نتحرك ككل ليس أجزاء ، فتمييز الجزء يعني بكل بساطة عنصرية ، ومن يملك وسائل الضغط لمصلحة فئة من الفئات دون الاخري ابلغ صور البرجوازية ، أمام امبريالية الحكومة التي تنام فى الشمس ولا تحرك ساكنا ، وتزداد الطبقة الكادحة مهانة لتصبح مثالا واقعيا للبروليتاريا العصرية .
كان من الممكن أن يرفض الصيادلة شحنات الأدوية من مصانعها ليضغطوا على الرأسماليين ، أو عدم دفع ضرائبهم ولن تستطيع الامبريالية الحكومية غلق الصيدليات ، ولكن كي يكون التأثير أكبر ، والضغط ذو قيمة اختاروا أن يكونوا فى صفوف البرجوازيين ، ويطحنوا رقاب البروليتاريا ، تماما مثل بائعين الاسمنت والحديد وجميع أنواع المخدرات والفياجرا ، ناسين أو متناسين أن الحكومة لا يعنيها الشعب بأكمله ، وتتمني لو يستمر الصيادلة فى إضرابهم حتى يوم القيامة ليموت الشعب أو أنه يصاب بالضعف الجنسي .
فكرت كثيرا وأنا أكتب هذا المقال ، فأني على موعد لزيارة وطنى اسبوعا الشهر المقبل ، وأخشي ذهابي إلى المطار بحلم أني بعد ساعات سأكون فى وطنى ، وأفيق من حلمي على قرار أضراب الطيارين وضباط المراقبة ، هل يتخيل أحد حجم الاحباط والنقم وقتها